لما أمر الله بالدعوة بين أهمُّ أساليبها فقال: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " والحكمة باب واسع يختلف باختلاف الأحوال والمدعووين والأزمان والأمكنة ، والحكيم هو الذي يعرف كيف يقدم دعوته بحيث يوصلها إلى غيره بطريقة سليمة ، مقنعة، ويتحرى قدر استطاعته أن تحضى بقبولهم وتؤثر فيهم ، ومن نظر مثلاً في قصة مؤمن آل فرعون عندما دافع عن نبي الله موسى ودعا قومه عرف ما أوتيه هذا الرجل من الحكمة العظيمة في الدعوة ، وهكذا دعوة أنبياء الله صلوات الله عليهم ، فهم أرباب الحكمة البالغة في دعوة الخلق ، وقد حدثني أحد المشايخ أن أحد طلابه جاء إليه باثاً شكواه مما يلقاه من العنت والمضايقة في بيته ، وكان هذا الشاب حديث عهد بهداية ويذكر أن أخواته يتقصدون وضع التلفاز على الأغاني أو الأفلام عند وصوله للبيت ليخرج أو يعتزل في غرفة بعيدة ، فسأله الشيخ عن سبب هذا القصد فأخبره أنه أنكر عليهم بغلظة الاستماع لهذه المنكرات وشدد النكير عليهم ، فاختلفوا معه وارتفعت الأصوات وكثر اللغط ، ورفعت القضية للأب الذي يحب أن يكون البيت هادئاً وأن يعيش الجميع بسلام ووئام ...