ما أجمل أن تلتقي رجلاً من العباد الصالحين فتسأله عن تجربته في
عبادته وتزكية نفسه ، وترويض بدنه على العبادة والعمل الصالح ، فيفيدك بأمر لعلك
لا تجده في الكتب ولم تسمع عنه من قبل ، ويختصر عليك بتجربته وقتاً طويلاً، وجهداً
كبيراً.
يقول أحدهم وهو يروي تجربته مع الصلاة ، وكان يجد ثقلاً عند القيام
إليها وقلة في عدد ركعاتها : أحصيت ما أصليه من ركعات في اليوم والليلة من فرائض
ورواتب و رواتب متنوعة كالضحى والركعات التي عند الزوال والتي قبل صلاة العصر وما بين
المغرب والعشاء وقيام الليل ، فبلغت زيادة عن الخمسين ركعة فصرت أؤنب نفسي على قلة
زادي ، وأقارن فعلي بما كان عليه السلف الصالح ، فبعضهم ورد أنه يصلي مائة ركعة
وبعضهم مائة وخمسون ركعة، فصرت في كل حين أزيد ركعتين مرة أجعلها في قيام الليل
ومرة أزيد بها ركعات الضحى ومرة أجعلها نافلة بين الظهرين وكلما زدت ركعتين بقيت
فترة أروض نفسي عليهما ، وأثبتها حتى ترتاض وتعتاد ، ثم أزيد أخرين حتى بلغت
السبعين ركعة في اليوم والليلة فحمدت الله على الزيادة ، وعلمت أن هذا باب من
أبواب الخير فتح لي، وطريق من طرق البر يسر لي ، وهذه تجربة لنا جميعاً أن نحصي
الركعات التي نصليها الآن ثم نقرر الزيادة اليسيرة في الوقت المناسب مرة من صلوات
الليل ومرة من صلوات النهار حتى نزداد من هذه العبادة العظيمة المحبوبة لربنا ،
والتي قال فيها نبينا ‘ : " الصلاة خير موضوع ، فمستقل ومستكثر "
أي: هي خير شيء وضعه الله لعبادته فمن الناس من يستقل ومنهم من يستكثر.