التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معرفة القراءة التي بنى عليها المفسر كتابه



من الأمور المهمة التي يغفل عنها من يقرأون في كتب التفسير أو يحققونها أو يطبعونها أن المفسر قد يكون بنى التفسير على قراءة غير قراءة عاصم، فيظن القارئ أو الطابع أو المحقق أن هذا المعنى للقراءة التي في المصحف المتداول بين أيدينا بينما هو للقراءة الأخرى ، فيختلف التفسير، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى في سورة التكوير : " وما هو على الغيب بضنين " فهي مكتوبة في مصحفنا بالضاد ومعنى ضنين: بخيل، أي: و ما هو على الوحي ببخيل ، فلا يبخل عليكم بشيء مما أوحاه الله إليه ، لكن تجد المفسر يقول في معناها: بمتهم ، أي لايتهم على الوحي فإنه أمين عليه، فيظن القارئ أن هذا معنى أخر لكلمة " ضنين" ، وليس الأمر كذلك ، بل هذا تفسير لكلمة أخرى وهي " ظنين" بالظاء ، ومعناها : متهم ، وهي قراءة أهل مكة والبصرة والكسائي .
ومن أمثلته في قوله تعالى في سورة الأعراف : " وهو الذي يرسل الرياح بُشراً بين يدي رحمته " فتجد في التفسير المطبوع: أي متفرقة قدام المطر، وهذا التفسير إنما هو لقراءة: " نُشُراً " بالنون المضمومة والشين المضمومة أو الساكنة، أما قراءة : " بُشراً " بالباء فمعناها: مبشرة بنزول المطر، والفرق بين الأمرين ظاهر .
ومن أمثلته قوله تعالى في سورة الأنعام : " وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست " فتجد في التفسير: درست : ذاكرت أهل الكتاب ، وهذا المعنى لقراءة أخرى هي: " دارست " وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير.
وأمثال هذا كثير، وإنما أردت التنبيه والتذكير، وتفسير الجلالين المتداول على قراءة أبي عمرو أو ابن كثير، فيطبع على هامش المصاحف المكتوبة بما يوافق قراءة حفص عن عاصم فيحصل بذلك الخلل.
ولذا فإن على الطالب أو من يقوم بتحقيق شيء من كتب التفسير أن يبدأ أولاً بدراسة هذه القضية ، ويتعرف على القراءة التي بنى المفسر عليها تفسيره ، لتحمل المعاني عليه.