التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2018

توسيع المعاني في السنة

لما قرأت حديث ابن مسعود رضي الله عنه في التشهد عن النبي ﷺ " إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: " التحيات لله… إلى أن قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبدٍ لله صالح في السماء والأرض .." الحديث، رواه الجماعة. لما قرأت الحديث وقفت عند هذه اللفتة النبوية في توسيع المعنى وتعميمه ، وإبقائه على شموله حيث نسبه إلى أن السلام على عباد الله الصالحين يشمل كلَّ عبد لله صالح في السماء والأرض ، وهذا مما يغفل عنه الإنسان عادة ، وهذه طريقة حسنة جميلة، معينة على الفهم وعلى إدخال صور كثيرة في معاني ألفاظ الكتاب والسنة ، قد تكون غائبة عن ذهن الإنسان ، فإذا قال العبد: " اللهم إني أسألك العافية " فإنه ينبغي أن يستحضر العافية في كل شيء ، في دينه ودنياه وبدنه وأهله وماله وآخرته ، وكذلك إذا سأل الله الرزق استحضر الرزق من المال والعلم والولد والجاه وغير ذلك ، وليس هذا بدعاً من القول، فقد وسع النبي ﷺ معنى الجهاد ليشمل " بر الوالدين" وقال للرجل الذي رغب الخروج للجهاد: " أحيٌ والداك ، قال نعم، قال: ففيهما فجاهد " ، وبين ...

القصة سحر المجالس

قام أحد الواعظين في مسجد بعد إحدى الصلوات يذكر الناس وقدّم لكلمته بوعدٍ قطعه على نفسه، وهو أن لا يزيد عن خمس دقائق ، ثم شرع يسرد قصة مؤثرة بأسلوب بليغ وكلمات مرتبة جذابة ، فلما انتهت الدقائق الخمس توقف واعتذر عن إكمال قصته الجميلة بناءً على وعده ، فصاح الناس به من أطراف المسجد : أكمل ، أكمل ، سنجلس ولو طال الوقت ، إلا أنه اعتذر بأنه وعدهم بخمس دقائق ولا يريد يخلف وعده ، وبأنه على عجلة من أمره ، وقال: ولكن إن رغبتم جئتكم غداً وذكرت لكم بقية القصة ، فرضوا بذلك ، وحضر من الغد عدد أكبر وقص عليهم قصته وأدرج فيها ما يريد أن يوصله لهم من العلم والخير . لم أجد شيئاً من الحديث أكثر لفتاً للانتباه وعطفاً للحواس وتأثيراً على النفوس من القصة ، فهي تسترعي انتباه الصغار والكبار ، العلماء والعامة ، الذكور والإناث ، العرب والعجم ، وهذا شيء يلحظه كل من يجالس الناس ويخالطهم ، فعامة أحاديثهم تدور حول قصص سمعوها ويروونها ، ومن تأمل القرآن وجد أن القصة حاضرة فيه بشكل ظاهر، بل تستحوذ على ثلثه تقريباً ، وهذا يدلُّ على أثرها في النفوس وشدة تأثيرها في إيصال المعاني والحقائق التي يُراد إقناع المستمعين بها،...

عاميّ يصنع العلماء

سافرت مع زميلين لحضور معرض الكتاب في الشارقة ، وبينما نتجول في المعرض إذ قابلنا رجل كبير السن تبدو عليه البساطة في أجلى صورها ، وتَعْرفُ من خلال حديثه أنه عامي محب للكتب ، فعرف أحد أصحابي وسلم عليه وألح علينا بإجابة دعوته للغداء في مكتبته في عجمان فأجبنا الدعوة ، ودخلنا بيتاً شعبياً متواضعاً ذا غرف كثيرة مليئة بالكتب ، فسألناه ما قصة هذه المكتبة ، فقال هذا بيتي وبيت أولادي ، وقد كنت أحب الكتب وأجمعها ولكني لست طالب علم مثلكم ، فقررت أن أضع الكتب في مجلس البيت وأفتح المجلس من بعد العصر إلى العشاء يومياً لمن أراد القراءة أو الاستعارة ، فأخذ أهل الحي يتوافدون على المكتبة ويقرأون ويستعيرون، ثم لما رأوا منفعة هذه المكتبة جاؤوني بالكتب التي في بيوتهم ولا يستفيدون منها ، فاتسعت المكتبة حتى ضاق بها المجلس ففتحت الغرفة المجاورة فامتلأت ثم التي تليها ، ثم قررت أن أتحول بأهلي إلى مكان آخر، وأجعل هذا البيت خاصاً بالمكتبة ، وصرت أفتحها وقتاً أطول، وعلمت وزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية بالأمر فعينت أحد دعاتها أميناً على المكتبة ، وصارت ترسل الكتب التي للتوزيع إلى مكتبتي، ويتم توزيع...

(إن مع العسر يسرًا)

كان أحد التجار من خرسان يحج كل عام، ويحمل معه تجارة يبيعها في بغداد في طريقه للحج ، وذات مرة تعرف على تاجر من أهل بغداد لديه حانوت صغير وتجارة يسيرة ، فاتفقا على أن يقوم البغدادي بتسويق بضاعة الخرساني، فأثرى البغدادي واتسعت أمواله، إلا أن الخرساني انقطع فجأة دون أن يعلم البغدادي سبب ذلك، وقلت أموال البغدادي وكثرت ديونه واضطر لإغلاق حانوته، واشتدت أزمته وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وكان كلما جاء وقت الحج أخذ يراقب حجاج خراسان لعله يجد صاحبه معهم، ولكن دون جدوى. وبعد ثلاث سنوات خرج يترقب ويبحث فلما لم يجد ذهب إلى نهر دجلة ليتبرد ويتفكر ويتدبر أمره، وبينما هو يخوض في الماء علق برجله (سير) مثل الحبل فتعجب منه ثم دعته نفسه أن يسحبه من الماء فإذا معلق به ( هميان ) وهو الكمر الذي توضع فيه النقود ويشد على وسط الإنسان ويلبسه المحرمون كثيراً ، ففرح به، فلما فتح الهميان وجده ملآن من الدنانير الذهبية، فأخذه وأسرع إلى بيته، وعد الدنانير فإذا هي ألف دينار ذهباً، فعاهد ربه أن يتوسع بها وتكون ديناً في ذمته لصاحبها إن وجده، وسدد ديونه وفتح دكانه وعاد لتجارته، وصلحت أحواله وبقي على ذلك بضع سنين. وذات يوم...

ضبط المتشابه عبر اسم السورة

مما يعين على ضبط المتشابه : الاستعانة باسم السورة بإيجاد علاقة لفظية أو معنوية بين الألفاظ المتشابهة وبين اسم السورة. ومثال ذلك قوله تعالى " وترى الفلك فيه مواخر " في سورة فاطر، وفي غيرها " مواخر فيه " فقد قدمت " فيه " المبدوءة بالفاء في سورة فاطر المبدوءة بالفاء. وفي سورة آل عمران : " كهيئة الطير فأنفخ فيه " وفي سورة المائدة : " فأنفخ فيها " فذكَّر الضمير " فيه " مع "عمران" المذكّر، وأنّث الضمير " فيها " مع المؤنث "المائدة". وفي سورة الكهف قال: " ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس " فقدم " في " على " للناس " لأنها في سورة الكهف، التي في حروف اسمها الفاء، أما في سورة الإسراء فإنه قال : " ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن" آية 89 ، بخلاف التي قبلها في نفس السورة وهي قوله : " ولقد صرفنا في هذا القرآن " آية 41، فإنه لم يذكر معها " للناس " وبهذا تعلم الإشكال في الآيتين الأوليين . وفي سورة مريم: " قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد...

التزين للصلاة

من الأمور المشروعة التي يهملها بعض المصلين: التزين للصلاة، حتى ولو كان المصلي في غرفة نومه لا يراه أحد من الناس، فإن التزين هنا لله الذي خلق الزينة ومنحها عبده، ومن تمام شكرها أن يستعملها إذا وقف بين يديه ودخل عليه في صلاته، وقد قال النبي ﷺ : " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه ( أي: الإزار والرداء) فإن الله أحق من تُزين له " صحيح الجامع ولذا ورد عن بعض السلف أنهم اشتروا ثياباً نفيسة جعلوها لقيام الليل، وورد عن تميم الداري أنه اشترى حلّة بستمائة درهم يقوم بها الليل، وإذا كان هذا مشروعاً في كل صلاة فهو لصلاة الجماعة ودخول المساجد من باب أولى، قال الله تعالى في سورة الأعراف : " يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " وهذه الآية يستدل بها العلماء على وجوب ستر العورة في الصلاة وأنها شرط من شروط الصلاة التي لا تصح إلا بها، وأقل الزينة هو ستر العورة، وتأمل كيف عبر عن ستر العورة بأخذ الزينة لينبه إلى هذا المعنى العظيم وأن المطلوب ليس الاقتصار على ستر العورة بل وأخذ الزينة التي تجمل الإنسان وتكمله وتجعله على هيئة مناسبة لمقابلة الرب العظيم جل جلاله. ومن أغرب الأمور أن تجد الرجل يستع...

الاستخارة والاستشارة

يحار الكثيرون في الصفة الصحيحة لإجراء الاستخارة والاستشارة ولا يوقعونها على الطريقة المرضية مما يحدث عندهم تردداً وارتباكاً شديداً عند الإقدام على أمر من الأمور. والطريقة الصحيحة: أنك إذا هممت بالأمر (كشراء سيارة أو خطبة زوجة) أن تستشير ذوي العقل والخبرة والتجربة، ولابد من هذه الأوصاف لتكون الاستشارة رشيدة ناجحة، وإذا أشكل عليك الأمر من مشورة واحد فاستعن بثان وهكذا حتى تطمئن إلى قرار معين، ثم تستخير الله فيه، وهنا قد تجد بعد الاستخارة طمأنينة وارتياحاً فتقدم ، وقد لا تجد شيئاً في صدرك فعليك أن تعمل بما توصلت إليه بعد التفكير والاستشارة، فإنه إن كان خيراً فسيتمه الله لك، وإن كان شراً فستصرف عنه، ولو كنت مطمئناً إليه راغباً فيه، وسترى أثر الاستخارة بعد ذلك ولو بعد حين من الدهر، فكم رغبنا في أشياء واستخرنا الله فيها ثم منعنا منها، وبان لنا بعد سنين أن الخير كان في المنع. وها هنا مسألة : وهي أن المرء قد يستشير ويُشار عليه بالإقدام ثم يستخير ولا يجد في نفسه الرغبة أو لا يحس بأثر الاستخارة في إيقاع الطمأنينة في قلبه، فماذا يعمل ؟ نقول في هذه الحالة: عليه أن يقدم على الأمر الذي يرى منفعته وا...

التعداد وسيلة التدبر

من وسائل التدبر السهلة والمفيدة : تعداد ما ورد في الآيات من صفات أو جزاء أو شروط ونحوها . مثل قوله تعالى في سورة طه : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى " فقد ذكر الله أربعة شروط لحصول مغفرته، وهي: التوبة والإيمان والعمل الصالح ثم الاهتداء. ومثل قوله تعالى في سورة العصر " والعصر إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" فقد ذكر الله أربعة عواصم تعصم العبد من الخسران، وهي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وإذا قرأت قوله تعالى في سورة النساء : " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " فالمنعم عليهم حقاً هم هؤلاء الأصناف الأربعة: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ، وهذا يفسر لك قوله تعالى في سورة الفاتحة: " صراط الذين أنعمت عليهم " وإذا تأملت قوله تعالى في بداية سورة المؤمنون " قد أفلح المؤمنون " جدت أنه علق هذا الفلاح على صفات معينة حري بالإنسان الحريص على الفلاح أن يعلمها ويأخذ بها و يتعاه...

ترتيب الأدعية

من الأشياء التي تشكل على من يحفظون الأدعية النبوية استحضارها عند الدعاء بها، فقد يحفظ الإنسان عشرين دعاءً من أدعية المصطفى ﷺ الصحيحة، فإذا جاء وقت الدعاء لم يستحضر منها إلا القليل أو يضيع عليه شيئ منها حتى ينساه تماماً. لقد فكرت في هذا الأمر طويلاً فوجدت أن أمثل الحلول لهذا الإشكال هو ترتيبها وتصنيفها بطريقة موضوعية أو فنية يعين على حُضُورها عند الدعاء. فأدعية القرآن ترتب على حسب ترتيب وأما أدعية السنة فلو جعلت الأدعية التي تعوّذ مجموعة، والأدعية الطويلة مجموعة، والأدعية القصيرة مجموعة، ثم رتبت كل مجموعة بحسب الحروف الهجائية مثلاً، متجاوزاً الألفاظ المكررة التي تكون في مقدمة الدعاء مثل " للهم إني أعوذ " لسهّل عليك الدعاء بها وجمعها في سياق واحد. ولنضرب على ذلك مثلاً : لو جمعنا الأحاديث التي مضمونها التعوذ ثم رتبناها على حروف الهجاء سهل علينا حفظها واستحضارها عند الدعاء، وخذ هذه الأمثلة: 1. " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ..." الحديث. 2. " اللهم إني أعوذ بك أن أضلّ أو أُضلّ أو أزلّ أو أُزلّ …" الحديث. 3. " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك...

قصة الخياط الآمر بالمعروف

كان لأحد المسلمين في العصر العباسي دين على أحد كبار رجالات الدولة، فماطله في السداد ، وطرده ، ولم يقبل في رد الحق شفاعة بعض الوزراء ، وتحير صاحب الدين في أمره، وذهاب ماله عند هذا الوجيه، فحكى القصة لابن عم له ، فقال له ابن عمه: خلاصك عندي ، نذهب الآن إلى فلان الخياط وهو يرد حقك ، فتعجب الرجل، ولما وصلا إليه رأى صاحب الدين ذلك الخياط بثياب بالية، وحال وضيعة، فقال لابن عمه: يا هذا ما يصنع بنا هذا الرجل، وكيف يرد حقي الذي لم ينفعني في رده كبار الوزراء، اعذرني فأنا لا أريد شفاعة خياطك هذا، فترجاه ابن عمه ، وقال له : لن ترى بإذن الله إلا خيراً ، فدخلا على الخياط ، وقصا عليه الحال، فقام من فوره معهما، وتوجها إلى قصر ذلك الوجيه، فلما رأى الحراس الخياط هشوا له وبشوا ، ورجعوا به وأدخلوه ومن معه، وقالوا له : إن سيدنا يأتي بعد قليل، ولا علم له بمجيئك، ولو علم لجاءك مكانك فالحق لك، وقدموا لهم طعاماً وشراباً واحتفوا بهم غاية الحفاوة، وتعجب صاحب الدين مما رآه من حفاوة الحراس بهذا الخياط البسيط، وكيف أنهم ردوه مراراً وكادوا يبطشون به عندما جاء إليهم مطالباً بحقه. ماهي إلا لحظات إلا والوجيه يأتي مسرع...

كيف نصحح النظرة للعلاقة الزوجية

تختلف نظرة الناس للزواج اختلافاً يؤثر على سير علاقاتهم الزوجية وطريقة تحملهم لمتاعبها ومصاعبها وأفراحها وأتراحها ، فمن الناس من ينظر إلى الزواج على أنه متعة مجردة ولذة وشهوة وأنس وفرح ؛ ولذا إذا أصابه شيء يكدر الحياة الزوجية أو نقصت عليه بعض مباهج الحياة تذمر من زواجه أو زوجه وتكدر عيشه وتنغصت أيامه، وآثر أن يكون عزباً خالياً من هموم الحياة الزوجية يعيش مرتاحاً غير مبالٍ بالأكدار والمنغصات حسب زعمه. ومن الناس من ينظر إلى الحياة الزوجية على أنها عبادة وأجر وسبيل إلى الجنة وطريق لنيل رضوان الله فهو يرجو بزواجه تحصيل المراتب العالية وعمران الآخرة، ولا يمنعه ذلك من أن يستمتع ويلتذ بما أباحه الله له من نعمة قضاء الوطر وإفراغ الشهوة والأنس بالأهل والولد بطريقة مباحة، هذا النوع من الناس أصبر على لأواء الحياة الزوجية وشدتها وما فيها من المرارات والآلام التي لابد منها وهو يحتسب في ذلك كله الأجر من ربه ، ويجري مع الحياة بطريقتها التي طبعها الله عليها والمذكورة في قوله في سورة البلد :  ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان  فِي  كَبَد )  وقوله في سورة آل عمران : ( لَتُبْلَوُنَ...

فضل الذكر

ينقسم ذكر الله إلى قسمين ، ذكر مطلق وذكر مقيد ، فالمقيد ما كان مقيداً بزمان كأذكار الصباح والمساء ونحوها، أو بمكان كأذكار دخول المسجد والمنزل والخروج منهما ونحوها، أو بحال كأذكار النوم والقيام منه و نزول الغيث وأذكار السجود والركوع ونحوها، وأما الذكر المطلق فهو ما جاء بغير قيد الزمان والمكان والحال، مثل قوله ﷺ " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " متفق عليه  فإنه لم يقيد ذكر الله بهاتين الصيغتين بوقت ولا مكان ولا حال، فصارت مشروعة في كل وقت، ومثل قوله ﷺ " أحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله و الحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيّهن بدأت " رواه مسلم وقوله ﷺ " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة " رواه الترمذي ، وقوله ﷺ " لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة " متفق عليه، وقوله ﷺ " الباقيات الصالحات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله " ، وقوله ﷺ " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك ل...

نية يغفل عنها كثير من الناس

نية يهملها الناس ، يتحدث العلماء عن النية ويريدون بها إخلاص العمل لله كما يريدون بها النية التي يصح بها العمل كنية الفريضة أو النافلة، وهناك نية قل من يتفطن لها وهي نية التقرب إلى الله تعالى بالعمل ونية الاحتساب ، وذلك بأن يستشعر العبد أنه يقوم بالعمل امتثالاً لأمر الله وطلباً لثوابه واحتساباً للأجر منه، وهذه النية متى وجدت واستحضرها العبد وجد لذة العمل، ولم يأبه بمشقته، وارتاح له ورأى أثر ما يعمله على حياته، وتأمل حال الإنسان حينما ينفق على أهله على وجه الاعتياد فإنه لا يشعر بلذة هذا العمل ولا يرى له أثراً على قلبه وحياته، مع أنه عبادة عظيمة وصدقة محبوبة لله بل هي أفضل الصدقات وأولى من الصدقة على الفقير واليتيم وأوجب، وحين يتصدق الإنسان على فقير أو يتيم أو أرملة يجد لذلك طعماً خاصاً ولذة حاضرة وشعوراً إيمانياً غامراً . وسر ذلك هو حضور نية التقرب إلى الله بالعمل في الحال الثانية دون الحال الأولى التي تصدق فيها على أهله. وتأمل هذا أيضاً في رمضان عندما يقوم الإنسان من فراشه في ليالي العشر الأواخر ليصلي مع إمامه قيام الليل فإنه لا يبالي بطول الصلاة بل تجده يختار إماماً يطيل القراءة والر...

تزكية النفس

(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا  وَعُلُوًّا)  ، ولذا يجب على العبد أن يعتني بتزكية نفسه وأطرها على الحق وتربيتها على قبوله وامتثاله ، وأنت تجد من نفسك أنك تقتنع بأمور الخير ، وكذلك لا تتقاعس عن العمل بها والمبادرة إليها، والداعية الموفق يجب أن يراعي ذلك في المدعوين ، فقد يقتنعون بما يدعوهم إليه لكن يبطؤون في الاستجابة والعمل ، فإذا كان مستوعباً لهذا الأمر في طبيعة النفس الإنسانية فإنه يصبر على ما يراه من تباطئهم في الاستجابة والانقياد ، وعليه أيضاً أن يترفق بهم في نقلهم من حالهم إلى الحال التي يدعوهم إليها، وأيضاً فإن كل إنسان ينبغي له أن يجاهد نفسه في تزكيتها وحملها على العمل بالحق ، لأنها تحتاج إلى جهد وصبر ومصابرة حتى تستقيم على الطاعة وتمتثل الأمر وتجتنب النهي وتترقى في مدارج الكمال وتلحق بركاب الصالحين. و تزكية النفس تقوم على ركنين ركينين: تخلية وتحلية ، تخلية عن الشرك والجهل والذنوب و الدناءات وسفاسف الأمور وسيء الأخلاق، وتحلية بالتوحيد والإيمان والعلم والطاعات والفضائل ومحاسن الأخلاق ، ولن يتزكى أحد إلا بهذين ، كزرع الأشجار وغرس النخيل؛ فكما أن...

صلاح القلب

أما بعد ، فقد بيّن النبي ﷺ في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " متفق عليه . فبصلاح القلب يصلح القول والعمل ؛ وبفساده يفسدان ، ولذلك يركّز الشيطان جهدَه على القلب ليضمن بذلك الخسارة الكاملة للإنسان والتّمكن منه، وله في ذلك ثغورٌ أربعة ؛ ينفذ منها إلى قلب ابن آدم، فإذا حفِظها الإنسان وداومَ مراقَبتها ورعايتها وقام عليها خيرَ قيام قطَع على الشيطان طُرق الوصول إلى قلبه والتشويش عليه وإشغاله بما يضره أو على الأقل بما لا ينفعه في دينه ودنياه ، وعلى العبد أن يعرف هذه الثغور فيُرابط على حراستها وحفظها كما يرابطُ المرابط على ثغور البلد لئلا ينفذ الأعداء من خلالها إليه فيحتلوه ويبيدوا أهله. الثغر الأول : ثغرُ الخواطر والأفكار التي تهجم على قلب ابن آدم أو يفتعلها و يستجلبها فإنها من أعظم طرق الشيطان للدخول على قلبه والعبثِ به والتشويش عليه وصرفه عن عبادة الله والإقبال عليه والإنابة إليه وعلى الإنسانِ أن يدفعها ويردّها بكل قوة ويستبدله...