يحار الكثيرون في الصفة الصحيحة لإجراء الاستخارة والاستشارة ولا يوقعونها على الطريقة المرضية مما يحدث عندهم تردداً وارتباكاً شديداً عند الإقدام على أمر من الأمور.
والطريقة الصحيحة: أنك إذا هممت بالأمر (كشراء سيارة أو خطبة زوجة) أن تستشير ذوي العقل والخبرة والتجربة، ولابد من هذه الأوصاف لتكون الاستشارة رشيدة ناجحة، وإذا أشكل عليك الأمر من مشورة واحد فاستعن بثان وهكذا حتى تطمئن إلى قرار معين، ثم تستخير الله فيه، وهنا قد تجد بعد الاستخارة طمأنينة وارتياحاً فتقدم ، وقد لا تجد شيئاً في صدرك فعليك أن تعمل بما توصلت إليه بعد التفكير والاستشارة، فإنه إن كان خيراً فسيتمه الله لك، وإن كان شراً فستصرف عنه، ولو كنت مطمئناً إليه راغباً فيه، وسترى أثر الاستخارة بعد ذلك ولو بعد حين من الدهر، فكم رغبنا في أشياء واستخرنا الله فيها ثم منعنا منها، وبان لنا بعد سنين أن الخير كان في المنع.
وها هنا مسألة : وهي أن المرء قد يستشير ويُشار عليه بالإقدام ثم يستخير ولا يجد في نفسه الرغبة أو لا يحس بأثر الاستخارة في إيقاع الطمأنينة في قلبه، فماذا يعمل ؟
نقول في هذه الحالة: عليه أن يقدم على الأمر الذي يرى منفعته واستشار فيه، ويتوكل على الله لقوله تعالى في سورة آل عمران: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) فيعزم ويتوكل على الله متخذاً كل الأسباب التي يتوصل بها إلى مقصوده مفوضاً أمره إلى ربه، ولن يرى من ربه إلا خيراً (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه ، وبهذا يقضي الإنسان على التردد والحيرة التي تحيط به وتلاحقه في كل شأن من شؤونه التي يهم بها ويرغب في تحصيلها، ويسلم من الاضطراب والقلق والآلام النفسية وتحزين الشيطان ووسوسته، واعلم أنك إن أقدمت على ما هممت به بهذه الطريقة فإن العاقبة حميدة، وقد لا تراها في الوقت القريب، لكن تراها فيما بعد.
واحذر من (لو) كما قال النبي ﷺ: " وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ". رواه مسلم
والله الموفق.
كتبه:
محمد بن عبد العزيز الخضيري