التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشورة نافعة


لما رشحت للإعادة في الكلية وبدأت الدراسة في قسم الدراسات العليا أصابني قلق من جهة نية الدراسة وأن المراد هو الشهادة والوظيفة لا العلم والفائدة ، وخشيت من الوعيد المذكور في قوله : " من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله لا يتعلّمه إلا لعرض من الدنيا لم يجد عرف الجنة -أي ريحها- يوم القيامة " رواه أبوداود بإسناد صحيح، ومثله ما روي عن أنس وحذيفة وكعب بن مالك مرفوعاً : " من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس فليتبوأ مقعده من النار " رواه الترمذي وغيره.
وقطعت هذه الوساوس بالسفر إلى شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين لاستشارته ، وصليت معه الجمعة ، ومن عادة الشيخ أنه في طريقه من المسجد إلى البيت يمشي معه المستفتون والمستشيرون وأصحاب الحوائج ، فلما قضى حوائجهم وخلا أخبرته خبري وبثثت له شكواي واستمع إلي رحمه الله حتى إذا انتهيت وقف وأمسك بيدي وقال لي : إدرس الماجستير وادرس الدكتوراه وأحسن النية وجاهد نفسك ، وسيزول عنك هذا الذي تجده في صدرك ، ويعينك الله على النية الخالصة ، وإذا تركت هذا الأمر أنت وأمثالك جاءنا من لا نرضاهم في دينهم فأفسدوا العقائد والأعمال والأجيال. (أو كلاماً هذا فحواه، فإن هذا اللقاء كان في بداية عام 1408ه) فارتحت لكلام الشيخ وسررت بتنبيهه وتشجيعه ، وأزال ما في نفسي من التردد، ورأيت العاقبة الحميدة فيما قال لي ونصحني به، وفي هذه الحادثة تأكيد على أهمية الرجوع إلى العلماء واستشارتهم والأخذ بآرائهم ونصيحتهم ،وهذا في خاصة أمر الإنسان وكذلك أمر العامة عند حصول الفتنة والمدلهمات ، وينبغي لمن يستشير أن يبحث عمن يجمع بين العلم والنصح والخبرة في المجال الذي يستشيره فيه، فإذا اطمئن إلى أمر صلى صلاة الاستخارة ثم أقدم متوكلاً على الله فإنه بهذا يُهدى للصواب ويُوفق للرأي الرجيح والعمل الصحيح.