التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ضع سراجك قدَّامك



يُحكى أن حكيماً قال لأحد التجار الأخيار الباذلين: لا تترك وصيتك لورثتك فإنهم قد يحسنون وقد يسيئون وقد يختلفون، ما تريد أن توصي فيه قدمه الآن في حياتك وأدره وأنت حي قادر، ثم قال له: خذ حجراً وارمه وراءك ففعل فقال له الحكيم: أين سقط الحجر، قال: لا أدري، قال: خذ حجراً وارمه أمامك، ففعل التاجر ، فقال الحكيم : هل رأيت أين وقع الحجر؟ قال: نعم، قال: فذلك مثل مالك ، ما تركت بعد موتك لا تدري ما يصنع به ورثتك، وما تصرفت به الآن عرفت موقعه و اطمأننت عليه.
وقعت هذه النصيحة من التاجر موقعها وحدد مبلغاً كبيراً من ماله ، فأوقفه في سبيل الله على وجوه الخير وجعل له لجنة من النظار تديره وتقوم عليه، ولم يكتب وصيته ولم يؤخر شيئاً من صدقته لما بعد موته ، فلا يدري هل تنفذ أو تهمل؟
وتاجر آخر قال له حكيم : إذا مشيت في ظلمة الليل ومعك سراج فهل تضعه أمامك أو وراءك؟ قال : بل أمامي، حتى أبصر الطريق واتقي العثرات ، قال: كذلك المال ، إذا قدمته قبل موتك أو أخرته بعد موتك.
وقد أفادني أحد كبار القضاة أن كثير من الوصايا المالية معطلة لم تنفذ ؛ إما بسبب إهمال الورثة أو اختلافهم ، أو تنفذ لكن مع الخيانة والإهمال وقلة النصيحة والمحاباة ، ولذا فإني أوصي من كان من أهل الثراء ويحب أن يوصي أن يعجل بوصيته قبل موته ، وينفذها وهو في حال القدرة والقوة.