يُحكى أن حكيماً قال لأحد
التجار الأخيار الباذلين: لا تترك
وصيتك لورثتك فإنهم قد يحسنون وقد يسيئون وقد يختلفون، ما تريد
أن توصي فيه قدمه الآن في حياتك وأدره وأنت حي قادر، ثم قال له: خذ حجراً وارمه
وراءك ففعل فقال له الحكيم: أين سقط الحجر، قال: لا أدري، قال: خذ حجراً وارمه
أمامك، ففعل التاجر ، فقال الحكيم :
هل رأيت أين وقع الحجر؟ قال: نعم، قال: فذلك مثل مالك ،
ما تركت بعد موتك لا
تدري ما يصنع به
ورثتك، وما تصرفت به الآن عرفت موقعه و اطمأننت عليه.
وقعت هذه النصيحة من التاجر
موقعها وحدد مبلغاً كبيراً من ماله ،
فأوقفه في سبيل الله على وجوه الخير وجعل له لجنة من
النظار تديره وتقوم عليه، ولم يكتب وصيته ولم يؤخر شيئاً من صدقته لما
بعد موته ،
فلا يدري هل تنفذ أو تهمل؟
وتاجر آخر قال له حكيم
: إذا مشيت في ظلمة الليل ومعك سراج فهل تضعه
أمامك أو وراءك؟ قال :
بل أمامي، حتى أبصر الطريق واتقي العثرات ،
قال: كذلك المال ،
إذا قدمته قبل موتك أو أخرته بعد موتك.
وقد أفادني أحد كبار القضاة أن
كثير من الوصايا المالية معطلة لم تنفذ ؛
إما بسبب إهمال الورثة أو اختلافهم ،
أو تنفذ لكن مع الخيانة والإهمال وقلة النصيحة
والمحاباة ، ولذا
فإني أوصي من كان من أهل الثراء ويحب أن يوصي أن يعجل بوصيته قبل موته
، وينفذها وهو في حال القدرة والقوة.