إذا كلّفك أحد الناس بمشروع
خيري له فزوده بالتقارير عنه ،
فإن ذلك يكسبك ثقة المتبرع ،
فلا يتردد عن تكليفك
بأمثاله مما يفتح لك أبواباً من الخير ،
بل ويكون سبباً في مجيء آخرين عن طريقه ،
ولايَرُدَّنَّك عن التقرير قلة المبلغ أو صغر المشروع ،
فالصغير يأتي بالكبير والقليل يجلب الكثير.
ذات مرة أعطى أحد المحسنين
وكيلاً من أهل الخير ثمانية
آلاف ريال لأجل شراء مصاحف وتوزيعها على المساجد في دولة فقيرة لا
يوجد في كثير من مساجدها مصاحف
، فقام هذا الوكيل بشراء مصاحف ووضعها في 16
رفاً أو دولاباً مما تحفظ به المصاحف في المساجد ووزعها على 16 مسجداً وصور كلَّ
مسجد منها ، وصور
المصاحف موضوعة بشكل جميل داخل المسجد ،
ووضع لكل واحدة تقريراً ثم بعثها للمتبرع ،
تفاجأ المتبرع بالصور والتقارير وفي الوقت ذاته خشي أن يكون أحد اطلع على عمله
، فهو يريده لله ولا يريد
من أحد جزاءً ولا شكوراً
، واتصل بالوكيل شاكراً ومعاتباً، وقال له: أنا
واثق منك ومن عملك ولا أحتاج إلى التقارير، فقال الوكيل: أنا أخذت منك أوراقاً (
أي نقوداً ) ولابد أن أسددها لك أوراقاً ،
لكي نقفل هذه العملية ،
وتبرأ ذمتنا منها ،
وطمأن المتبرع بأنه لم يطلع على التقارير أحداً غيره ، وبإمكانه إتلافها كما أنه
بإمكانه التأكد من سلامة التنفيذ عبر عناوين المواقع في كل تقرير، وقبل إنهاء
المكالمة قال المتبرع: رأيت في خاتمة كل تقرير جدولاً فيه عرض لأنواع من المشاريع
وأمام كل مشروع تكلفته ،
ورأيت فيها أن المسجد يكلف خمسون ألف ريال ،
فهل هذا صحيح؟ قال الوكيل: نعم ؛ وخلال عشرة أشهر يأتيك تقرير للمسجد
، قال المتبرع: أرغب في بناء مسجدين فضعهما حيث
ترى ، ولا أريد
تقريراً، قال الوكيل في نفسه: ما جاء بالمسجدين إلا التقرير فهل تظن أن أدع إرسال
التقارير والصور؛ فإنها وقود المشاريع.
وهذا بالفعل هو الواقع
، فإن الإنسان قد يثق بمن يوكله
، لكن الخبر ليس كالمعاينة
، وكما قال إبراهيم لربه:
" رب أرني كيف تحيي الموتى، قال:
أولم تؤمن قال : بلى ولكن ليطئمن قلبي
" سورة البقرة ، وموسى عندما أخبره
ربه أن قومه عبدوا العجل لم يلق الألواح ، وألقاها لما رآهم وعاينهم
.
وفي التقارير فائدتان أخريان:
وهي أنه قد يطلع عليه بعض أهل المتبرع أو بعض أصحابه فيرغب في الاقتداء به
، كما أن الشخص ذاته قد يطالعه في وقت لاحق
فتتجدد له الرغبة في الازدياد من الخير والمتابعة في العطاء وهذا مشاهد
.