من الأشياء التي تشكل على من يحفظون الأدعية النبوية استحضارها عند الدعاء بها، فقد يحفظ الإنسان عشرين دعاءً من أدعية المصطفى ﷺ الصحيحة، فإذا جاء وقت الدعاء لم يستحضر منها إلا القليل أو يضيع عليه شيئ منها حتى ينساه تماماً.
لقد فكرت في هذا الأمر طويلاً فوجدت أن أمثل الحلول لهذا الإشكال هو ترتيبها وتصنيفها بطريقة موضوعية أو فنية يعين على حُضُورها عند الدعاء.
فأدعية القرآن ترتب على حسب ترتيب وأما أدعية السنة فلو جعلت الأدعية التي تعوّذ مجموعة، والأدعية الطويلة مجموعة، والأدعية القصيرة مجموعة، ثم رتبت كل مجموعة بحسب الحروف الهجائية مثلاً، متجاوزاً الألفاظ المكررة التي تكون في مقدمة الدعاء مثل " للهم إني أعوذ " لسهّل عليك الدعاء بها وجمعها في سياق واحد.
ولنضرب على ذلك مثلاً :
لو جمعنا الأحاديث التي مضمونها التعوذ ثم رتبناها على حروف الهجاء سهل علينا حفظها واستحضارها عند الدعاء، وخذ هذه الأمثلة:
1. " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ..." الحديث.
2. " اللهم إني أعوذ بك أن أضلّ أو أُضلّ أو أزلّ أو أُزلّ …" الحديث.
3. " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك …" الحديث.
4. " اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري …" الحديث.
فأنت تلاحظ أن الأحاديث كلها في موضوع التعوذ ثم رتبت بحسب حروف الهجاء فكلمة (أشرك) في الدعاء الأول سابقة لكلمة " أضل " ثم " برضاك" المبدوءة بحرف الباء، ثم " شر " المبدوءة بحرف الشين، وأهملنا الكلمات المتكررة وهي " اللهم إني أعوذ بك من " ونحوها..
وبهذا تستطيع أن تدعو بجميع ما ورد ولا يفوتك من أدعية النبي ﷺ شيء ، وإذا دعوت ببعضها عرفت ما الذي وقفت عليه منها.
ووجدت بعض المعتنين يصنف الأدعية بحسب موضوعاتها فهذه أدعية الثبات وهذه أدعية العلم وأدعية الجنة وأدعية الذرية والمغفرة ، وفي كل موضوع يجمع الأدعية الخاصة به ثم يسردها عند الدعاء بها، فمثلاً : " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " وحديث " اللهم يا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك " وحديث " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر " وقوله تعالى " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ " يجعل هذه كلها في أدعية الثبات.
وهذه طريقة جيدة أيضاً لكن قد يشكل عليها بعض الأحاديث التي جمعت موضوعات شتى بحيث يصعب تصنيفها، وقد يقال : ما لا يمكن تصنيفه يجمع تحت عنوان ( أدعية جامعة) مثل حديث " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك …" الحديث وحديث " اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق .. وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنا "
وعلى كل فترتيب الأدعية النبوية بأي صورة يعين على استحضارها عند الدعاء بها ويقي من فوات شيء منها أو نسيانه، ويحصل للداعي بركة الأدعية النبوية التي هي أجمع الأدعية وأحسنها وأسلمها بعد أدعية القرآن.
والله الموفق.
كتبه:
محمد بن عبد العزيز الخضيري